تقاريرسلايد

من يوسف وهبي لكمال الشناوي.. أبرز الشخصيات المصرية الماسونية!

كيف تكونت أسطورة الماسونية

في قلب القاهرة، بين جدران صالات النخبة والمجتمعات الأدبية الراقية، كانت تعقد اجتماعات غامضة، تنبعث منها رموز، شعارات، وطقوس لا يعرف العامة عنها إلا القليل. هناك، في تلك الدوائر المغلقة، اجتمع الساسة والمفكرون، والفنانون. ليس فقط للحديث عن الفن أو السياسة، بل تحت سقفٍ آخر هو: الماسونية.

في القرن التاسع عشر، ومع انفتاح مصر على أوروبا، دخلت الماسونية إلى المجتمع المصري كجزء من موجة من الأفكار والتنظيمات الغربية. ورغم أن الماسونية عُرفت بطابعها العالمي، فإنها في مصر اكتسبت طابعًا خاصًا، إذ انخرط فيها بعض أبرز رموز النخبة السياسية والفكرية والثقافية، وكان لها دور مؤثر في بعض التحولات التاريخية.

من أبرز الشخصيات التاريخية التي انضمت إلى الماسونية العالمية كان:

1. الأمير محمد علي توفيق

كان أحد أفراد الأسرة العلوية، ووصف بأنه ماسوني رفيع المستوى، ترأس عددًا من المحافل الماسونية في القاهرة. وقد عُرف بتبنيه أفكارًا حداثية ودوره في الحياة الثقافية آنذاك، كما يُذكر أنه دعم الحركة الماسونية باعتبارها منبرًا للتقدم.

2. الزعيم الوطني سعد زغلول

ثمة مصادر تاريخية تشير إلى أن سعد زغلول، زعيم ثورة 1919، كان عضوًا في المحفل الماسوني. انضمامه – إن صح – لم يكن حالة استثنائية في زمن كانت فيه الماسونية تُقدَّم كتنظيم يدعم الحرية والمساواة، وهي شعارات كانت منسجمة مع توجهاته الوطنية.

3. أحمد لطفي السيد

المفكر الليبرالي الكبير، وأحد أبرز رموز النهضة الفكرية في مصر،  كان عضوًا في أحد المحافل الماسونية. وعلى الرغم من أنه لم يعلن ذلك صراحة، فإن انفتاحه على الفلسفة الغربية، ودعوته للعلمانية، جعلا البعض يربطه بالماسونية.

4. قاسم أمين

صاحب دعوة تحرير المرأة، كان على صلة بفكر الماسونية التي كانت تدعو – على الأقل في شكلها العلني – إلى المساواة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية، وقد زُعم أنه حضر بعض الاجتماعات الماسونية في نهاية القرن التاسع عشر.

5. عباس حلمي الثاني

آخر خديوي لمصر، كان ماسونيًا وأنه استخدم الماسونية كأداة سياسية لموازنة القوى داخل مصر، خاصة في مواجهة النفوذ البريطاني. وقد ترأس عددًا من المحافل الماسونية بنفسه.

6- جمال الدين الأفغاني:

لم يكن فقط الشخصيات السياسية ولكن حتى الشخضيات الدينية مثل الشيخ جمال الدين الأفغاني المؤسس الفكري الحقيقي لكل الحركات الإسلامية في التاريخ العربي

7- الخديو توفيق

يجب أيضًا أن نعرف أن الخديوي توفيق قد تولى رئاسة شرفية للمحفل الماسوني المصري في نهاية القرن التاسع عشر.

 

لماذا انضم هؤلاء؟

ينبغي فهم سياق العصر: كانت الماسونية تقدم كناد للنخبة المتعلمة، يجمع بين التفكير العقلاني والمبادئ الإنسانية، في وقت كانت فيه مصر تبحث عن هويتها بين التقليد والتحديث. كثير من المنضمين لم يكونوا على دراية كاملة بالخلفيات الرمزية أو الأبعاد الغامضة التي ارتبطت لاحقًا بالماسونية، بل رأوا فيها إطارًا للتفاعل مع الأفكار التنويرية.

لكن ماذا عن نجوم الفن؟

رغم ندرة التوثيق الرسمي، فإن عددًا من أشهر نجوم السينما المصرية في العصر الذهبي ارتبطت أسماؤهم بالماسونية، إما من خلال عضوية فعلية أو من خلال مشاركة في محافل اجتماعية وفنية ذات طابع ماسوني:

1. يوسف وهبي

“باشا المسرح”، وأحد أعمدة الفن المصري. كان معروفًا بعلاقاته الأوروبية الواسعة، وعضويته في أندية راقية بعضها ارتبط بالماسونية. أُشيع أنه انضم إلى محفل ماسوني في إيطاليا خلال دراسته هناك.

2. حسين رياض

وجه الخير في السينما المصرية، صاحب المئات من الأدوار المتنوعة، ويقال إنه حضر فعاليات مرتبطة بمحفل ماسوني ثقافي في الأربعينيات.

3. نجيب الريحاني

رائد الكوميديا الاجتماعية، والذي تربطه صلات وثيقة بعدد من المثقفين والفنانين الأوروبيين المنخرطين في محافل ماسونية فنية.

4. سليمان نجيب

كاتب وممثل ودبلوماسي، عمل لفترة سكرتيرًا للقصر الملكي، وكان معروفًا بانخراطه في الأوساط الأرستقراطية والدوائر الفكرية الغربية التي تداخلت مع الماسونية في مصر.

عبد السلام النابلسي:

إنضم عبد السلام النابلسي وعدد آخر من الممثلين المشاهير مثل أنور وجدي وكمال الشناوي

لماذا انضم الفنانون؟

في عصر كانت فيه الثقافة مرتبطة بالحداثة والتحرر من القيود التقليدية، وجد بعض الفنانين في الماسونية مجالًا للنقاش الحر والتفاعل مع فكر عالمي. كانت الماسونية وقتها تتبنى شعارات مثل: “حرية، مساواة، أخوة”، وهي شعارات قريبة من ضمير الفنان الباحث عن التغيير والانعتاق من القيود.

نهاية عصر وبداية أسطورة

مع تصاعد الحركات القومية في الأربعينيات والخمسينيات، أصبح يُنظر إلى الماسونية بعين الريبة، وبدأت السلطات في فرض رقابة عليها، إلى أن جاء قرار جمال عبد الناصر بحظرها رسميًا عام 1964. المحافل أُغلقت، والسجلات اختفت، وبقيت الأسماء تدور في فلك الغموض… بين الحقيقة والخيال.

سحر الاسم 

الماسونية في مصر لم تكن تنظيمًا هائل النفوذ كما تصوره نظريات المؤامرة، لكنها كانت حقيقية، مؤثرة، وجذابة لأبناء النخبة. وما بين أمير ومفكر، وزعيم ونجمة مسرح، خطّت الماسونية فصلًا غامضًا في تاريخ مصر الحديث: فصلًا لا يزال يثير الفضول، ويُغري بالتنقيب.

بقى علينا الماسونية في مصر لم تكن مجرد منظمة سرية كما يتخيلها البعض، بل كانت لفترة ما فضاءً للحوار والتفاعل بين نخب تبحث عن الحداثة والاستقلال. ومع تغير الظروف السياسية، أصبحت جزءًا من التاريخ المنسي، وغلفتها أسطورة لم تنته حتى اليوم.

أقرأ ايضًا:

الأخوات فوكس: كيف بدأت أكبر خدعة روحية في التاريخ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!