تقاريرسلايد

الشيخ سالم الهرش.. عندما صفعت قبائل سيناء إسرائيل على الهواء مباشرة

بطولة قبائل سيناء تتجلى أمام العدو الصهيوني

ليس الماضي ببعيد، فما أشبه اليوم بالبارحة، ولم تختلف كثيرًا المخططات الإسرائيلية عن الآن، ولم تختلف كثيرًا المخاطر التي تواجهها مصر عبر حدودها الشرقية عن تلك التي واجهتها من قبل قبل أكثر من 58 عامًا.

بعد أن اجتاح الجيش الإسرائيلي أرض سيناء في عام 1967، كانت تعلم جيدًا أنها متورطة في تلك الأرض الشاسعة، ولهذا كان لإسرائيل مخطط واضح هو استقلال سيناء عن مصر، وصنع حكومة موالية لها. يعيش فيها القبائل العربية. ومن أجل ذلك بدأت مفاوضات موشي ديان نفسه مع شيوخ القبائل السيناوية.

كانت صفقة موشي ديان تنص على أن يتم تدويل سيناء، وأن يحكمها شيوخها، وأن يقيم لهم مطارات خاصة وشبكة مواصلات، مع دعم مالي غير محدود، كذلك حاول إغراء سالم الهرش شيخ مشايخ سيناء وشيخ قبيلة البياضة بطبع صورته على الجنيه السيناوي الذي سيقوم بطبعه لدولة سيناء.

سالم الهرش.. بطل مجهول:

ولد الشيخ سالم الهرش عام 1910، في قبيلة «البياضية» في مركز بئر العبد بمحافظة شمال سيناء. أنجب من أربع زيجات 11 ابنًا و8 بنات، وكان يحرص على الزواج من نساء من قبائل مختلفة، إيمانًا منه بأن المصاهرة وسيلة فعالة لتعزيز الروابط القبلية، وهو الأمر الذي ظل يشغله ويحرص عليه طوال حياته.

بعد دخول اسرائيل إلى سيناء بدأ موشي ديان بالتفاوض مع سالم الهرش بشكل مباشر، ثم بدأت اسرائيل في إصدار جوازات سفر لأبناء سيناء باعتبارهم مواطنين اسرائيلين، وهنا تواصل الشيخ سالم مع المخابرات المصرية، فأشاروا عليه أن يبدي موافقة للسفراء الاسرائيلين.

منظمة سيناء العربية

مع نكسة يونيو مباشرة بدأت حرب الاستنزاف في أرض سيناء، وتم تشكيل ما يسمى تنظيم “سيناء العربية”، وهو تنظيم فدائي، تشكّل من مجموعات من أبناء سيناء والفدائيين الذين شاركوا إلى جانب القوات المسلحة المصرية في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وتولى العميد مدحت مرسي قيادة هذا التنظيم وتدريب أفراده، وكان للتنظيم دور بارز خلال حرب الاستنزاف، حيث نفذ العديد من عمليات العبور لقناة السويس، مستهدفًا مواقع العدو خلف خطوطه، مستخدمًا الجمال لنقل السلاح والمعدات.

كان الشيخ سالم الهرش هو المسؤول عن اختيار هؤلاء الأفراد مع القوات المسلحة بالفعل.

وبعد المفاوضات التي أجرتها اسرائيل مع سالم الهرش ومشايخ سيناء، طلبت منه المخابرات المصرية تسهيل دخول سيناء لهم، ليكونوا قريبين من المعسكرات الإسرائيلية، فقام بتدريبهم، على اللهجة وألبسهم زي بدوي، وقدمهم للاسرائيلين على أنهم مجموعة من أقاربه لم يكونوا موجودين أثناء الحرب في سيناء وتوزيع الهويات، وطالبهم باستخراج هويات لهم، وهو ما تم بالفعل، ليعطى التصريحات بالتحرك لضباط مصريين بين المعسكرات الإسرائيلية.

مؤتمر الحسنة

بلغت ذروة الخدعة التي انطلت على الأسرائيلين عندما قرر موشي ديان إقامة مؤتمر في الحسنة سنة 1968 يعلن فيه أن سيناء دولة مستقلة عن مصر، ولهذا الغرض وصلت الوفود الصحفية إلى معسكر تم نصبه من خيام من أجل استقبالهم، وتم استحضار مخرج إيطالي لتصوير هذا الحدث الفريد.

وبالفعل في نهار ذلك اليوم حضر الشيخ سالم الهرش، وعدد من مشايخ القبائل السيناوية من الترابيين والتياها، وغيرهم، وتم الترحيب بهم على لسان موشي ديان، ثم أعطيت الكلمة للشيخ سالم الهرش.

عندما وقف سالم الهرش، قال لموشي ديان: لقد وعدتني أن تطبع صورتي على الجنيه السيناوي؟ صحيح؟ ابتسم موشي ديان وقال: بالطبع سأفعل. فقال الشيخ سالم الهرش أمام كاميرات العالم: إذا فليعلم الجميع.

إن باطن الأرض أولى لنا من ظاهرها إن قبلنا أن تكون أرض سيناء غير مصرية. فمن أراد التفاوض على أرض سيناء فعليه التفاوض مع جمال عبد الناصر، نحن مصريون ولن نقبل أن نكون غير مصريين

في هذه اللحظات الحاسمة، قلب موشي ديان الطاولة، وخرج تاركًأ مؤتمر الحسنة، فيما انصرف الشيخ سالم الهرش، وتم تهريبه عن طريق المخابرات المصرية بسيارة جيب مع أسرته إلى الأردن عبر ميناء العقبة، بعد عملية انتقامية إسرائيلة، تم فيها القبض على عدد كبير من مشايخ القبائل العربية السيناوية.

تكريم سالم الهرش:

بعد عودته من مصر وقبل حرب أكتوبر 1973، تم استقباله في المطار بشكل رسمي في قاعة كبار الزوار، وعرضت عليه السلطان المصرية العيش في حلوان، ولكنه طلب الانتقال إلى البحيرة،بجوار ابنائه ليتم ذلك، وعين وكيلا لوزارة التربية والتعليم بها.

وأقام الشيخ سالم في قرية عثمان بن عفان، وتم منحه 50 فدانًا هدية من الدولة، وكرمه عبد الناصر بنفسه وأهداه بندقية، آلية ومسدس 9 ملم لكنه رفض البندقية ومنحها هدية للجيش المصري وأخذ المسدس كرمز بطولي من القوات المسلحة.

بعد حرب اكتوبر عاد الشيخ سالم الهرش إلى سيناء، إلى أن توفى في عام 1981، ليتم تكريمه بعد ذلك وتخليد ذكراه في مسلسل الاختيار عام 2020، وإطلاق اسمه في 2019  على مركز شباب رابعة بشمال سينا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!