
حاتم ذو الفقار، اسم ربما لا يعرفه جيل الألفية الجديدة، لكنه كان ممثل بارز في فترة الثمانينات والتسعينات، قبل أن يأفل نجمه ويذهب طي النسيان مثله مثل العشرات من نجوم الفن في مصر والعالم العربي.
اسمه حاتم محمد محمود راضي، من مواليد 1952 في مركز الشهداء محافظة المنوفية، لعائلة راضي من أشهر وأغنى عائلات قرية ساحل الجوابر في مركز الشهداء، وانتقل مع أسرته للعيش في منطقة العباسية بالقاهرة.
التحق حاتم ذو الفقار، بناءا على رغبة والده بالكلية الحربية، لكنه ترك الدراسة بها في العام الثاني من أجل الالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، لأن حب الفن تمكن منه، وقرر أن يكون الفن هو هوايته ومصدر رزقه.
حصل حاتم على بكالوريوس في قسم التمثيل والإخراج، وبدأ مشواره الفني عبر المسرح القومي، وهناك أعطاه الفنان صلاح ذو الفقار لقب عائلته لإيمانه بموهبته، وصار اسمه حاتم ذو الفقار، ليشارك في عدد كبير من الأفلام مثل: (العمر لحظة مع ماجدة، عن رواية بنفس الاسم ليوسف السباعي، وعنتر شايل سيفه عام 1983 مع عادل إمام ونورا.
ورغم إنه في الفيلم يلعب دور الشرير الذي ينغص حياة نورا إلا أنه وقع في حبها، ووقعت في حبه وقررا الارتباط، ارتباط لم يُكتب له النجاح بعد الأزمة التي مر بها حاتم ذو الفقار لإدمانه المخدرات، وإلقاء القبض عليه في القضية الشهيرة.
كان زواج حاتم ذو الفقار من نورا أسطوريا بحق، فالفنانة التي كانت مضرب المثل في الجمال، والفنان الذي كان مضرب المثل في الثراء، كانت زيجتهما واحدة من أشهر زيجات الوسط الفني، حتى أن أهالي الشهداء يتداولون إن حاتم ذو الفقار أطلق اسم نورا على عزبة في قرية الشهداء، أصبح اسمها حتى الآن اسم عزبة نورا…
تم حفل الزفاف في ديسمبر 1984، وكانت “تورتة” حفل الزفاف مكونة من 13 طابقا واعتقد أنها من الممكن أن تدخل موسوعة جينيس كأطول تورتة حفل زفاف مصرية، وتكلف فستان نورا 10 الآف جنيه وهو مبلغ فلكي سنة 1984.. واستمر الحفل للساعات الأولى من صباح اليوم التالي، حتى أن مجلة الكواكب وصفت نورا بعروس الموسم.
في حفل حضره فريد شوقي ومديحة كامل ومحمود ياسين وزوجته شهيرة، ولبلبة وليلى علوي وعادل إمام ونجوى فؤاد وصباح، وعفاف شعيب وزوجها في ذلك الوقت رياض العريان والد المخرج طارق العريان، وحضر المخرج حسام الدين مصطفى واحد من أكثر المتحمسين لحاتم ذو الفقار.
ووقع اختيار الثنائي على اليونان لقضاء شهر العسل، والذي لو شئنا الدقة لم يدم سوى 10 أيام، بسبب انشغال الثنائي، بالعديد من الأعمال الفنية.
بوسي تتوسط الزفاف وتتسبب في الطلاق
يتهم حاتم ذو الفقار بوسي بكونها سبب طلاقه من نورا، قال ذو الفقار في أحاديث صحفية كثيرة: “أنا ونورا اتجوزنا عن حب، بس للأسف الطلاق كان سريعا ومن القرارات اللي كنت من المفروض أتأني فيها، لكن كان فيه تدخل من الأهل وكنت رايح أطلق لوحدي ومش واخد حد معايا، واحنا حبينا بعض، ونورا إنسانة رقيقة جدا وحساسة وروحانية وجميلة جدا، بعد شهر العسل، سافرت معايا دبي وقعدت معايا ورجعنا مصر وبدأت ألاقي المسائل أكون أو لا أكون، كان في حد بيزن على دماغها من بعض الأصدقاء وأختها”.
وأضاف “ذو الفقار”،: “مشاكل عادية، احنا كنا بنختلف في الرأي، وكان لازم نحط حد علشان نقدر نستمر، وناس كتير اتدخلت عشان تحل، يعني الفنانة هند رستم تدخلت في موضوع الطلاق وكتبت مقالة في مجلة أكتوبر، علشان منتطلقش”..
وتابع: “نورا، كان عندها عزة نفس وإنسانة رقيقة ومحترمة وجذابة وأنيقة، أيام لما اتجوزت أنا ونورا كانت زهرة في الوقت ده، وبعدها مينفعش تكون أي ست أقل منها، وتم الانفصال وندمت عليه جدا”.
وفيات متلاحقة
ارتبط حاتم ذو الفقار ارتباطا وثيقا بأسرته خاصة بشقيقته مها التي كانت تعتبره ابنها، وعاشت معه بعد وفاة زوجها وابنها ياسر (كان عمره 24 سنة)، ثم مات والد حاتم ذو الفقار، وبعده بستة أشهر ماتت الأم في ثاني أيام العيد، وفي ليلة 15 رمضان ماتت مها، ليجد حاتم ذو الفقار نفسه وحيدا، الوحدة التي سترسل حاتم ذو الفقار لحتفه.
وقال حاتم عن وفاة أمه ثم شقيقته: “أنا اتيتمت مرتين في سنة واحدة”، وكانت شقيقته مها تعيش حالة حزن خاصة حيث كانت تنادي أخيها حاتم باسم ابنها ياسر الذي رحل في ريعان شبابه، وكان حاتم لا يصحح لها، بل كان يرد عليها على إنه ياسر، مراعاة للظرف الذي تمر به.
نهاية حاتم ذو الفقار
دخل حاتم ذو الفقار السجن كما أشرنا سلفا بسبب الادمان، ويقول في لقاء صحفي إنه أنفق 3 مليون جنيه على الهيروين بسبب ندرة الحشيش، ولك أن تتخيل مدى ضخامة الرقم في هذا الوقت، وهناك يحكي عن زيارة شهيرة للفنان عادل إمام، يقول: “”قالي شد حيلك هي القضية خدت رأي عام لكن اللي مكتوب عليك تشوفه ترضى بيه ومتروحش في سكة تانية.. أنا بقولك كده كأخ وبحبك وشايف فيك حاجات كويسة، وبعدها أصر يحط فلوس ليا في الكانتين”، وقبل أن ينصرف لاحظ عادل إمام أن السجن يسوده الهدوء، فسأل حاتم عن السبب، فقاله له: “هما حابسين الناس علشان تعرف تاخد راحتك لانهم هيتلموا عليك”، فغضب عادل إمام وقرر الانصراف، وقال لحاتم: “لازم أمشي فورا، وأنا علشان أخد راحتي، أقل من راحة الناس، كان لازم تقولي من بدري.. ليه كده احنا مش جايين نضايق الناس”.
كان حاتم ذو الفقار، يفكر في الانتقام، كونه يري أن هناك من تسبب في سجنه، وكان يري أن هناك تعنت ضده، وفترة سجنه، سببا في مرض والدته بأزمه قلبية وشعوره بالذنب تجاهها يقول حاتم ذو الفقار، حياتي كلها تغيرت، حتى قابلت الشيخ علي في السجن، وقال لي: “دعك من الذي في رأسك”،
ذهب حاتم ذو الفقار للشيخ علي في زنزانته، ليستفسر منه، عن سبب مقولته، فقال له الشيخ علي، إنه يفكر في الانتقام، وهذا لن يفيده، لذا عليه أن يستعيذ بالشيطان: “طلب مني الاستحمام بالماء العادي وبعدها بماء وملح، ثم الوضوء وصلاة ركعتين والدعاء وقول حسبي الله ونعم الوكيل فقط”.
وذهب الشيخ علي لجلسة، وكان من الجماعات الإسلامية، وخرج بكفالة 50 جنيه فقط، لكن حاتم لم يراه مرة أخرى، لأنه ترك السجن وأخ متعلقاته أثناء فترة وجود عادل إمام في السجن، يصف حاتم ذو الفقار الأمر برسالة من الله.
دخل حاتم ذو الفقار السجن مرتين، في الأولى سُجن لمدة عام، والثانية 78 يوم وحصل فيها على البراءة، فخرج منها، ولكي يثبت خلو سجله الجنائي، تقدم لانتخابات مجلس الشعب، وتم قبول أوراقه.
تعافى حاتم ذو الفقار من الإدمان، وحاول الزواج أكثر من مرة، لكن زيجاته كانت تكلل بالفشل، وتعرض لحادث سيارة أدى إلى إجراء عملية تغيير مفصل أثرت على حركته، ناهيك عن العزلة التي كان يعيش فيها، وابتعاد صناع الأعمال عنه.
وفاة حاتم ذو الفقار
في أواخر حياته، ظهر حاتم ذو الفقار في لقاء تلفزيوني مع الفنانة صفاء أبو السعود في برنامج ساعة صفا، وبكى على الهواء طالبا ألا يتركه الناس، وألا ينفضوا من حوله، معترفا أنه أذنب، لكن ذنبه كان في حق نفسه، لأنه لم يضر أحد، وأثناء بكائه، قال ذو الفقار: “فين صحابي.. فين الناس اللي كانوا عاملين بيحبوني.. خدوا بايدي.. ولا انتوا عايزني اموت لوحدي”، ثم أنخرط في البكاء.
كان حاتم يعيش بمفرده، ووافته المنية وحيدا، وظل حاتم ذو الفقار، ميتا في منزله لمدة ثلاثة أيام دون أن يعلم أحد بوفاته، واكتشف إخوته الوفاة بالصدفة بعد اتصالهم به هاتفيا لعدة أيام دون رد، وبحسب موقع جلولي، لم يحضر جنازته سوى أشرف عبدالغفور، ومحمد أبو داوود، وحمدى شرف الدين… وكانوا أعضاء النقابة وقتها.
مات حاتم ذو الفقار وحيدا، كما توقع مع صفاء أبو السعود: “ولا انتوا عايزني اموت لوحدي”، وقال اخوه المهندس ماهر راضي، جملة تلخص قصة حياة حاتم ذو الفقار: “حاتم طول عمره حظه قليل”.
ملحوظة هامشية: “مع ظهور الفنان أحمد حاتم، سرت شائعة أنه ابن الفنان حاتم ذو الفقار، لكن حاتم لم ينجب، وأحمد حاتم ابن الصحفي المصري حاتم صدقي.
بهاء حجازي