عندما قرر جورج بوش الابن الترشح للانتخابات الأمريكية سنة 1999، قالت له والدته باربرا بوش، زوجة الرئيس الأسبق بوش الأب: “لا تحاول يا جورج، لن تفوز”..
إجابة باربرا، تأتي في ضوء معرفتها العميقة بعقلية ابنها، الذي كان متواضعا للغاية، كرجل سياسة، ويمكنك وصفه بالشخص الغبي، وهذا ليس كلاما تقديريا، ففي استطلاع أجرته مؤسسة “مستشارو العلاقات العامة” في نيويورك في سنة 2006، حل الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن في المركز الثالث كأغبى شخص في الولايات المتحدة الأمريكية، بناءا على اختيارات الشعب الأمريكي نفسه.
ليس هذا فحسب، بل لو سألت الذكاء الاصطناعي عن أغبي شخص حكم الولايات المتحدة، ستجده يقول لك، ديباجة عن أن الأشخاص يتم تقييمهم وفقا لقرارتهم ويجب دراسة ذلك وفقا للفترات التي أتخذوا فيها هذا القرارات، لكنه سيقول لك، يعتقد الكثيرون أن جورج بوش الابن، هو أغبي رئيس حكم الولايات المتحدة، فلو توجهنا بالسؤال لـ شات جي بي تي سيخبرك أن جورج بوش واحد من أغبى حكام أمريكا: ” كان محط سخرية بسبب زلات لسانه وأخطائه اللغوية، كما أن قراره بغزو العراق عام 2003 استند إلى معلومات خاطئة عن أسلحة الدمار الشامل، مما تسبب في انتقادات شديدة له.
وهو ما سيخبرك به موقع ديب سيك أيضا معللا اختيار الرئيس الأمريكي الأسبق في قائمة الأغبى، بقوله: “غالبًا ما يتم انتقاده بسبب قراراته خلال حرب العراق وأزمة الرهن العقاري، والتي اعتبرها البعض غير مدروسة بشكل كاف”، والحقيقة أن الغباء لم يطل جورج بوش فقط، بل أن من سبقه في استطلاع أغبى شخص أمريكي كان نائبه ديك تشيني، الذي أصاب رجلا بالرصاص، عندما أخطا الهدف في رحلة صيد.
لكن لماذا يمكننا وصف جورج بوش الأبن الذي حكم الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة من سنة 2000 لسنة 2008 بواحد من أغبى الأشخاص في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، الإجابة في دراسة نشرها معهد لوفنستين في سكرانتون في ولاية بنسلفانيا في سنة 2015 عن أغبى الرؤساء الأمريكين، وتصدر بوش القائمة بالطبع، وضعت الدراسة مجموعة من الأسس تم التقييم على أساسها، وهي”الكتابات التي أنتجوها دون مساعدة من موظفيهم، وقدرتهم على الكلام بوضوح دون لعثمة، ودون استخدام مفردات غريبة، وكذلك عوامل نفسية أخرى سُجلت باستخدام نظام سوانسون/كرين لتصنيف مستوى الذكاء”.
وحصل جورج بوش على المركز الأول كأغبى رئيس حكم الولايات المتحدة الأمريكية بـ 91 نقطة فقط، فيما حصل أعلى رئيس على 182 نقطة، وهو الرئيس الأمريكي كلينتون، الغريب أن ثاني أغبى رئيس كان الوالد بوش الأب بـ 98 نقطة..
ووفقا للدراسة جاء بوش كأغبى رئيس للولايات المتحدة، لأنه لا يتقن اللغة الانجليزية على ما يبدو في التصريحات العلنية واستخدامه المحدود لمفرداتها (6500 مفردة للرئيس بوش مقابل ما متوسطه 11 ألف مفردة للرؤساء الآخرين)، أضف إلى ذلك، غياب منجزاته الأكاديمية باستثناء حصوله على شهادة الماجستير الأساسية في إدارة الأعمال، كما لم يقم جورج بوش، بتأليف أي عمل يمكن ان يُدرس على اساس فكري ( بعد إنتهاء مدة حكمه أصدر مذكراته، المساة بقرارات مصيرية، لكنه استعان بكاتب سيرة ذاتية أملاها عليه، ويبدو في المذكرات ضحالة فكر الرجل”.
وقال الدكتور لوفنستين إنهم اعتمدوا على فهم أفكار جورج بوش على الخطابات التي ألقاها ارتجالا، والتي حوت أخطاءا كارثية سواء على مستوى اللغة أو الفكر.
في كتابه “رجال بيض أغبياء.. بوش والغباء الأميركي” الصادر سنة 2002، يُرجع الكاتب مايكل مور، أسباب غباء بوش للعديد من الأسباب، فيقول إن بوش لديه ماضي في الإدمان على الكحول ( يعترف بوش بذلك في مذكراته قرارات مصيرية), وكذلك قيادته للسيارة وهو سكران (وهو أمر تشاركه فيه زوجته لورا التي تسببت بمقتل إحدى صديقاتها في مرحلة صباها، وهو الأمر الذي يشاركه فيه نائبه ديك تشيني..
كذلك تم إلقاء القبض على جورج بوش الأبن، بسبب تصرفات طائشة أخرى, وإخفاقاته المتكررة في مجال الأعمال, وضعف فطنته، ورداءة لغته الإنجليزية، فلم يكن جورج بوش الابن يجيد التحدث باللغة الإنجليزية، وكانت لغته ضعيفة للغاية، ويستخدم مفردات خاطئة تغير المعنى الذي يريد قوله.
ويبدو أن صفة الغباء متوارثة في عائلة الرئيس الأمريكي، فأثناء الحملات الانتخابية بين جورج بوش الأب، وبيل كيلنتون والتي توقع المراقبون حسبها لصالح جورج بوش الأب كونه رئيس أمريكا والأوفر حظا في الفوز، لكنه خسرها، بعد ما رفع الناس في الشارع جملة: “إنه الاقتصاد، يا غبي”، كناية عن تردي الأوضاع الاقتصادية في عهد جورج بوش الأب.
جورج بوش، نال شهادة الغباء من الشعب الأمريكي، بناءا على تصريحاته المتضاربة، فمثلا يقول: “أهم شيء بالنسبة لنا هو إيجاد أسامة بن لادن.. انها أولويتنا القصوى، ولن نرتاح قبل ان نجده”، ثم يعود ويقول في تصريح آخر: “لا أعرف أين يتواجد بن لادن، لا أملك أي فكرة، وحقيقة لا أبالي ..الأمر ليس مهما جدا، انها ليست أولويتنا”، الرجل لا يعرف ماذا يريد.
بوش عندما يتحدث بدون أوراق، يكون كالرجل الأخرق الذي يقول كلاما لا يمكن أن يكون جملة مفيدة، فمثلا في إحدى إبداعاته يقول: “العائلات هي حيث تجد أمتنا الأمل، وحيث تحلم الأجنحة، كما اني أعرف ان الناس والسمك يمكن ان يتعايشوا بسلام”، هل يمكنك استخراج معنى واحد من هذه العبارة؟
مثلا، عندما وجد أن الناس تطلب منه عدم خوض الحرب في العراق، قال: “لن أنسحب من الحرب، وان بقيت زوجتي لورا وكلبي بارني فقط من يؤيدونني، ثم قال في خطاب آخر: “اعتقد أني لم أكن مستعدا للحرب.. أعتقد ان الحرب مكان خطير”، ربما تقول أن الراجل يراجع نفسه، وهو شي صحي، لكن جورج بوش كان يقول الكلام وعكسه في نفس الخطاب.
ومرة حاول أن يبدو شخصا من عامة الشعب، مع إنه ابن رئيس أمريكا، فقال: “أتفهم نمو الأعمال الصغيرة، لأنني كنت واحدا من الذين يدخلون البلاد بطريقة غير شرعية ويخرقون القانون”، هذا رجل لا يعرف ماذا يقول، كان الأفضل له قبل الجميع أن يسكت..
حاول جورج بوش دعم شقيقه جيب، لخوض انتخابات الرئاسة في سنة 2016 أمام هيلاري كلينتون، لكن في النهاية انتهى الحزب لترشيح دونالد ترامب، وقتها رفضت والدة جورج ترشيح ابنها جيب: “ألا يوجد في أمريكا أكفاء سوى في بيت بوش، يكفيكم ما أخذتموه”.
نشر مات لاتمير الموظف السابق في البيت الابيض كتابا عن هفوات جورج بوش الابن، ووصفه بالغبي سياسيا، وقال إن جورج بوش، كان عندما تستعصى عليه مسألة ما، كان يقول: “اتركوها عندما تجلس على هذا الكرسي ذات المؤخرة الكبيرة (في إشارة لهيلاري كلينتون)، وكان جورج بوش يحمل عداءا واضحا لهيلاري، فزوجها كان السبب في خسارة والده الانتخابات، وكان يعتقد أنها ستخلفه هو في كرسي الرئاسة وهو الأمر الذي لم يتحقق..
كما ظهر جورج بوش في صورة فاضحة وهو يقرأ مع طفلة في كتاب، لكنه كان يمسك كتابه بالمقلوب.
موقف آخر لا يُحسد عليه، كان جورج بوش في حملة انتخابية قبل شهرين من انتخابه، فأدلى جورج دبليو بوش بتعليق سخيف حول مراسل نيويورك تايمز الشهير “آدم كليمر”، لم يكن جورج بوش، يعلم أن الميكروفون يعمل، فقال بوش لنائبه ديك تشيني: ديك، أنظر هذا هو آدم كليمر، غبي من الدرجة الأولي من نيويورك تايمز”.
لكن كلمة بوش سمعها كل من كان في مقر الحملة الانتخابية، لأنه قالها في الميكروفون، فقال بعدها: “يؤسفني أن التعليق الخاص وصل إلى موجات الأثير العامة”، لكنه لم يعتذر لآدم كليمر، وعندما سألوه هل تعتذر لآدم، كرر كلامه قائلا:”يؤسفني أن الجميع سمع ما قلته”.
في سنة 2022، وخلال حفل نظمته مؤسسة جورج بوش في تكساس، للحديث عن حرب أوكرانيا روسيا، وقف جورج بوش ليوجه كلمة للحاضرين، فقال “قرار رجل واحد أن يشن غزوا غير مبرر على الإطلاق ووحشي على العراق، لكنه تدارك خطئه، وقال: “أقصد حرب أوكرانيا”.
جورج بوش، له تصريح يخلط به الحابل بالنابل والدين بالسياسة، وأي شيء قابل للخلط، حينما برر كل تصرفاته قائلا: “الله يحدثني. من دون ذلك، لا استطيع ان أقوم بعملي”.
السؤال الذي يجب طرحه، كيف وصل هذا الرجل المتواضع في كل شيء إلى منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وظل جالسا على المكتب البيضاوي 8 سنوات كاملة؟
أقرا أيضا:
خدعوك فقالوا “تسلا”.. كيف بدأت السيارات “كهربائية”
