
يقال في المثل الشعبي: “كل ذي عاهة جبار”، وهذه الحكمة تكاد تنطبق حرفيًا على قصة جرادي ستايلز جونيور، الرجل الذي عُرف في السيرك الأمريكي باسم الفتى الكابوريا. وُلد بعيب خلقي جعل يديه وقدميه شبيهة بمخالب السلطعون، لكنه استغل عاهته ليصنع لنفسه اسمًا في عالم العروض، قبل أن يتحول إلى شخصية مرعبة، تنتهي حياته برصاصة في الرأس.
بداية الحكاية
ولد جرادي عام 1937 في مدينة بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا. كان يعاني من حالة وراثية نادرة تُسمى Ectrodactyly، جعلت أطرافه مشوهة تشبه أذرع الكابوريا، وعجز بسببها عن المشي. لكن ما كان يعد نقمة عند الآخرين، تحول عنده إلى فرصة؛ ففي زمن السيرك المتنقل، كان أصحاب التشوهات الجسدية يعتبرون نجومًا يجذبون الجماهير. وبالفعل، صعد جرادي إلى خشبة السيرك وهو في السابعة من عمره، واستطاع بفضل قوة نصفه العلوي أن يثير دهشة المتفرجين.
زواج وعائلة داخل السيرك
لم يقتصر نجاح جرادي على المسرح، بل امتد إلى حياته الخاصة. فقد التقى بفتاة تُدعى ماري تيريزا، هربت بدورها إلى السيرك، وتزوجها. أنجبا عدة أبناء، ورث اثنان منهم نفس حالته الجسدية، فانضموا للعمل معه في العروض. لكن وراء الأضواء، كان الرجل يعاني من شخصية عنيفة. كان يُكثر من الشراب ويضرب زوجته وأطفاله بوحشية. وفي إحدى نوباته، تعدى على زوجته بشكل مروّع، ما دفعها لطلب الطلاق.
تزوج جرادي مرة أخرى، لكن طباعه العنيفة لم تتغير، حتى صار يُلقب بـ”الشيطان”. قوته الجسدية مع إدمانه للكحول جعلت حياته وحياة من حوله جحيمًا.
القاتل الذي لا يُعاقب
عام 1973 ارتكب جرادي جريمة كبرى: لم تتوقف شرور جرادي عند ذلك. بل امتدت إلى حادثة قتل. عندما وقعت ابنته الكبرى في حب رجل لم يوافق عليه جرادي، فقتل عريسها المحتمل ببندقية في اليوم السابق لحفل الزفاف. ورغم اعترافه الصريح، لم يقض يومًا واحدًا في السجن، إذ لم تكن هناك منشآت عقابية مؤهلة للتعامل مع حالته الصحية. حُكم عليه بالإقامة الجبرية، وهو ما جعله أكثر خطورة، إذ صار يهدد من يشاء بالقتل مطمئنًا أنه خارج متناول العقاب.
النهاية بالرصاص
بشكل غريب، عادت ماري تيريزا إلى زوجها الأول عام 1989، لكنها سرعان ما اكتشفت أنه لم يتغير. وبعد ثلاث سنوات من المعاناة المتجددة، قررت التخلص منه نهائيًا. دفعت لجارها كريس ويانت مبلغ 1500 دولار ليطلق النار على جرادي بينما كان يشاهد التلفاز في منزله بفلوريدا. وهكذا انتهت حياته عام 1992 برصاصة في الرأس.
أدين القاتل بالسجن 27 عامًا، بينما حُكم على ماري بـ12 عامًا. أما جرادي، فقد ظل اسمه عالقًا بين صورتين متناقضتين: رجل استثمر عاهته ليصنع شهرة ومالًا، وشيطان بث الرعب في حياة أسرته ومن حوله.
اقرأ أيضًا: