ولد الفنان الكبير أمين الهنيدي في 1 أكتوبر من عام 1925 بمدينة المنصورة، اسمه أمين عبدالحميد أمين محمد محمد الهنيدي، لأب كان يعمل باشكاتب في سجن المنصورة، وكان لديه 6 أبناء، منهم بنت واحدة، وكان ترتيب أمين الهنيدي الخامس بينهم.
وظهرت موهبة أمين الهنيدي الفنية وهو طفل صغير حيث برع آنذاك في تقليد وغناء مونولوجات الفنان الراحل إسماعيل يس وثريا حلمي، وكان يقلد الفنانين في حفلات المدرسة والاجتماعات العائلية، وكان مصدر بهجة العائلة في الاحتفالات والمناسبات، لكن لم يكن يتخيل أحد في العائلة أن الطفل أمين خفيف الظل سيصير فنانا كوميديا.
يحكي أمين الهنيدي عن طفولته قائلا: “كنت طفل شقي .. أمين باسمى وأخلاقي، ولم أسرق في حياتي غير شلن فضة من جيب أبويا وعمري 6 سنين، قلت أشتري كرة، روحت دفنت الشلن في جنينة جنب بيتنا في القناطر الخيرية لغاية ما تيجي الفرصة.. لكن ضميري أنبني فعاقبت نفسي بإنى سبت الشلن مدفون لحد النهارده.. ومش هقول فين”.
يوسف وهبي شتته
طاف أمين الهنيدي على مجموعة من الكليات، أضاعت من عمره 4 سنوات، لكنه لم يكن يعلم ما هو هدفه، كان حلمه أن يصبح مثل يوسف وهبي في رواية الدفاع، أول فيلم يشاهده، وهو على دكة الترسو في سينما الأهلي، فدخل مدرسة الحقوق، وفشل بها، ودخل القسم الفرنساوي وفشل بها، ولم يكن يفطن أنه لا يريد أنت يصبح محاميا، بل أن يصبح ممثلا مثل الأستاذ يوسف وهبي( تكررت الواقعة مع طه دسوقي، الذي دخل كلية الحقوق، لكي يصبح مثل أحمد عز في فيلم ملاكي إسكندرية”.
ظل على هذه الحالة، حتى التحق بمعهد التربية البدنية العالي، فدخله لكي يصبح من أصحاب الشهادات العليا، فقضى 3 سنوات في المعهد لم يكن يسير بجانب الحيط، بل كان يسير بداخله، وتخرج في المعهد وهو الأول على الدفعة، لكن هل حقق شيئا من أحلامه؟، في الحقيقة لم يحقق..
عين مدرسا للتربية الرياضية في مصر قبل أن ينضم لعالم الفن في عام 1939 مع فرقة الريحاني التي قدم معها مسرحية واحدة، ثم سافر إلى السودان عام 1954 في مهمة عمل رسمية تابعة لعمله في وزارة المعارف، وهناك التقى الفنان محمد المصري الشهير بـ”أبو لمعة” وكونا معًا فرقة مسرحية بالنادي المصري بالخرطوم، جاء تعيينه مدرسا في السودان، في وقت كانت مصر والسودان دولة واحدة، وكان يعود في الاجازات لكي يقدم أعمال مسرحية وإذاعية، حتى قرر ترك التدريس والتفرغ للفن، ووفقا لابنه، تسبب أمين الهنيدي في وفاة متفرج من الضحك وهو يشاهد مسرحية غراميات عفيفي.
وفي عام 1969 تزوج الفنان الهنيدي وأنجب ثلاثة أبناء، هم صالح، عبد الحميد، ومحمود، كان أمين الهنيدي يعتقد أن شويكار هي تميمة حظ فؤاد المهندس، فتزوج سيدة كل من رآها كان يقسم على الشبه بينها وبين شويكار، الغريب أن زوجة فؤاد المهندس الأولى، تزوجها لأنها تشبه أم كلثوم، ومرضت عندما تزوج من شويكار.
لكن حتى هذه اللحظة، كان أمين الهنيدي يتعامل مع الفن بمنطق الهاوي، ولم يجرب الاحتراف إلا بعدما التقى الفنان عبد المنعم مدبولي، حيث اشترك معه في تقديم البرنامج الإذاعي الشهير “ساعة لقلبك” ضمن كوكبة من النجوم، ثم انضم لفرقة الفنانة “تحية كاريوكا”.
وقدم أول أدواره بالسينما عام 1961 من خلال فيلم “الأزواج والصيف”. وبلغ رصيده السينمائي ما يقرب من 40 فيلمًا، أشهرها “شنطة حمزة”، و”غرام في الكرنك”، وأشجع رجل في العالم، والذي شاركته فيه البطولة الفنانة شويكار، وحقق الفيلم ناجحا ساحقا وقتها، يبدو أن نظرية شويكار تميمة الحظ، نظرية لها وجاهتها.
فنان قتله الوهم
كان أمين الهنيدي مؤمنا بالوهم لدرجة كبيرة، وسيطرة عليه هواجس الموت، فذهب لكل الأطباء والجميع يؤكد أنه لا يعانى من أي مشاكل صحية، فاضطر للذهاب لعراف لكى يقرأ له مستقبله، فأخبره بأنه سيصاب بمرض خطير سينهي حياته وكانت لتلك الصدمة تأثيرها الخطير عليه حيث عاش سنوات وهو متأثر بها رافضا نصائح كل من حوله بعدم تصديق هذه الخرافات، فقل عمله، وساءت المواضيع التي يقدمها، ولكنه في بداية الثمانينيات اكتشف إصابته بمرض سرطان المعدة مما جعله يتغيب كثيرا عن عمله الفني وتراكمت عليه الديون وأصيب بالاكتئاب.
سافر للعلاج على نفقة الدولة، لكنه عاد إلى القاهرة محطما ويائسا، وهزمه المرض وقضى علي معنوياته، وانتشر في جسمه شالا حركته ورغبته في الحياة، حيث ظل في العناية المركزة بأحد المستشفيات، وهو لا يملك حتي مصاريف علاجه.
وتوفي 3 يوليو عام 1986 ونشرت الصحافة أن الأسرة ذهبت بلحصول علي جثمانه لأنها لم تكن تمتلك 2000جنيه قيمة مصاريف العلاج حتي تم توفيرها من زملائه ليتم الإفراج عن جثته ويصرح بدفنه، وهو ما نفاه ابنه، لكن أكدته صحف مثل أخبار اليوم، وقد استلهموا قصة الحجز على جثته في فيلم بديع من بطولة محمد عوض وليلى علوي، وحمل اسم “أي أي”.
محمود أمين الهنيدي، نجل الفنان الراحل ينفي قصة حجز جثمان جثة والده، خاصة إنه ظل يعمل حتى أخر أيام حياته، وقال في تصريحات صحفية لموقع خبر أبيض: “من ضمن الشائعات التي انتشرت ومن المستحيل أن تكون حدثت هو أن والدي قد تم حجز جثمانه بالمستشفى لعدم توفر مصاريف علاجه حتى تم دفع المصاريف، وهذا لم يحدث”.
وبحسب ما رواه ابنه أيضا: “كان والدي بعد انتهائه من عرض المسرحية كل يوم يدخل ويرتدي ملابس الشحاذ ويجلس عند باب الجمهور وبيده صحن يجمع به النقود الذي يخرج من المسرح منهم من كان يعلم هويته ومنهم من لم يكن يعلم، والسبب في هذا التصرف هو أنه كان يجمع هذه النقود ليوزعها على العمال البسطاء بالمسرح وهذا الموقف رواه لي بعض العمال.
وفاته وصدفة غريبة
توفي الفنان القدير أمين الهنيدي في يوم الخميس 3 يوليو 1986 عن عمر ناهز ال60 بعد ساعات من انتهائه تصوير فيلمه الأخير القطار بعد صراع طويل مع سرطان المعدة وتم دفع نفقة علاجه من قبل أسرته كنفقة استلامه كجثة، وتم عرض الفيلم في شهر ديسمبر من نفس العام، ومن المفارقات الغريبة في هذا الفيلم توفيت نبيلة السيد في ٣٠ / ٦ / ١٩٦٨ وبعدها بـ ٣ أيام في ٣ / ٧ توفي أمين الهنيدي وكانا زوجان بالفيلم، وعرض الفيلم بعد وفاتهما بستة أشهر في ٢٨ / ١٢ / ١٩٨.
أقرأ أيضا
بدون رأس أو ذراع.. تفاصيل جثة أرعبت الإسكندرية
يتيم وربته زوجة فوزي.. قصة طفل “ماما زمانها جاية” وهذا ما حدث له
