من يومين كتبت بوست عن افضل رئيس وزراء في تاريخ مصر.. ولقيت اجماع على كمال الجنزوري، فيبقى السؤال ليه مبارك مشي الجنزوري؟، لما هو افضل رئيس جه في تاريخ مصر … فخليني اقولك القصة زي ما حكاها الجنزوري في مذكراته “طريقي.. سنوات الحلم.. والصدام.. والعزلة.. من القرية إلى رئاسة مجلس الوزراء) … بتحب مبارك انت حر.. بتكره مبارك انت حر.. انا بسرد وقائع تاريخية على لسان أصحابها.. لذا وجب التنويه..

أولا يا سيدي الفاضل الجنزوري، تخرج في كلية الزراعة سنة 1957، ثم سافر للولايات المتحدة في بعثة لدراسة الاقتصاد سنة 1963 حصل خلالها على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة ميتشجان الأمريكية سنة 1967… مسك منصب محافظ الوادي الجديد ثم محافظ بني سويف وبعدين معهد التخطيط القومي فوزيراً للتخطيط ووزير التخطيط دوره انه يخطط للحكومة وفقا للمعطيات اللي متوفراله.. وبعدين بقى نائب لرئيس الوزراء… ومسك رئيس وزراء لأول مرة 1996.. ودي اللي تهمنا..
والحقيقة منقدرش نقول انه عمل تشكيل وزاري، يعني هو اكتر من نص الوزارات لا شكلها ولا جه جنبها.. يعني دفاع داخلية مالية خارجية.. دول براه .. تيجي لوزير الزراعة يوسف والي مكمل معانا لحد ما يسرطنا… وزير التربية والتعليم حسين كامل بهاء الدين وزير اقدم من الحياة وتقريبا مشي لما هو زهق.. فاروق حسني في الثقافة لا مساس به.. فاللي هو مشكلش قوي.. تقدر تقول رقص عقباوي..

ويا سيدي الفاضل.. جرت العادة ان الرئيس يتنازل عن جزء من سلطاته الدستورية لرئيس الحكومة.. يعني العلاج على نفقة الدولة من حق رئيس الوزراء يصدر قرارات على نفقة الدولة في الحالات اللي تستحق دون الرجوع للرئيس… فالمهم يا سيدي.. الجنزوري هيصطدم بمبارك نفسه كذا مرة..، والجنزوري اعترف: ” واجهت مبارك بوجود وزراء فاسدين، وأنه رفض تغييرهم وتمسك بهم”.
يقول الجنزوري: “فى يوليو 1997، طلب مبارك مني إجراء تعديل وزارى. واقترحت تغيير بعض الوزراء، خاصة من ليسوا فوق الشبهات. ومنهم محمد إبراهيم سليمان (تصالح بعد الثورة مع الدولة بمليار في قضايا فساد، وصادر بحقه حكمًا نهائيًا بالسجن المشدد 3 سنوات في 21 ديسمبر 2016، في اتهامه بالتربح والإضرار العمدي بالمال العام في قضية أرض شركة «سوديك» بالشيخ زايد) وعاطف عبيد وكمال الشاذلى الذى تولى وزير مجلسى الشعب والشورى منذ 1993 مع أمانة تنظيم الحزب الوطنى، لكن مبارك رفض وقال: مافيش عليهم حاجة!!.

ويكمل الجنزوري في مذكراته: “حدثت مرات كثيرة أن سألنى الرئيس عن أبسط قرارات اتخذتها، منها مثلًا أن طلب إصدار قرار لعلاج السيد سامى شرف سكرتير الرئيس الراحل جمال عبدالناصر على نفقة الدولة فبادرته قائلا: اتخذت القرار بالفعل يا ريس، فانفعل قائلًا: هو كل حاجة أسألك عليها، تقول أنا عملتها؟! فقلت بهدوء: يا سيادة الرئيس أنا موجود هنا لكى أعمل، وأتوقع أن تحاسبنى فقط عندما تسألنى وأقول: معملتش!! حتى فى الأمور البسيطة كالتى تسألنى عنها! وصمت ولم يعلق.. وبالتأكيد بغير رضا.. ولكن أعتقد أن كل هذا الغضب وعدم الرضا اختزن فى العقل والقلب، حتى جاء الوقت الذى أراده.
وخد دي.. جرت العادة ان الرئيس لو عايز يجتمع مع الحكومة يكلم رئيس الوزراء ورئيس الوزراء يجمع حكومته ويقابلوا الرئيس.. مبارك بقى عمل دعوة لاجتماع لمجلس الوزراء، دون علم رئيس الحكومة اصلا… اتصل الجنزوري بمبارك، وانتهى الحوار بينهما إلى إلغاء الاجتماع، وهو موقف يصفه الجنزورى بأنه «كان بداية لصدام أو عدم رضا من جانب الرئيس وأسرته»… يعني دي بداية القصيدة.. لكن اللي جاي مفيهوش أي شعر ولا ادب..

وخد دي… ودي يعني كاشفة قوي، كان فيه ظاهرة ان الوزراء بيسيب اجتماع مجلس الوزارة، ويخرجوا يمشوا ورا سوزان مبارك في أي حتة تروحها علشان ينولوا رضاها… فالجنزري حرفيا مكانش بيلاقي حد يجتمع بيه، بيقول في مذكراته: “كان غياب بعض الوزراء ليكونوا بصحبة حرم الرئيس، يخرجون معها فى جولاتها، وكنت لا أكترث لغياب وزير أو وزيرين، لكن أخذ العدد يتزايد وأصبح مجلس الوزراء ينعقد بغياب ثلاثة وأربعة وزراء”،… فالراجل في ورطة.. مش عايز الدنيا تفك.. فكلف مدير المراسم السيد نور فرغل، بالاتصال بمكتب حرم رئيس الجمهورية وإبلاغها الرسالة التالية: هل نلغى اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي؟ اللي بنناقش فيه مشاكل ومصالح الناس.. أم نؤجله؟ أم نقلل عدد الوزراء المصاحبين لها في جولاتها؟! وتلقت حرم الرئيس الرسالة، فكان ردها الغاضب: خلاص مش عايزة حد!!”… ومخصماكم يا وحشين..
يقول الجنزوري في مذكراته: “لمست بعدها (يقصد سوزان مبارك)، أنها غير راضية عن الرسالة بالطبع ولا عن صاحبها. والحق أنها لم تفعل شيئًا معلنًا مضادًّا أو مترتبًا عن هذه الرسالة، ولا فعل الرئيس ولا أحسست أنها أوصت بذلك، كما أنني لم أسع لاسترضائها لأنني لم أفعل سوى الصواب بل وشعرت بالراحة لأننى فعلت ما يجب أن أفعله.
لكن قبل ان أقول لك الصدام بينه وبين جمال مبارك، خليني اقولك هو الجنزوري جاب شعبيته، منين:
اتخذ الجنزورى قرارات شعبية منها رد أموال المواطنين التي تم تحصيلها دون سند قانوني فى حكومة عاطف صدقي، وتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية، بإلغاء الضريبة على الدخل للعاملين بالخارج وضريبة الأرض الفضاء، وتعويض الفلاحين عن تكلفة مبيدات ثبت عدم صلاحيتها، فتتصادم مع مجلس الشعب عندما طلب من النواب عدم توقيع طلبات للوزراء أثناء انعقاد الجلسات، وقرر تخصيص 3 ساعات صباحا قبل انعقاد المجلس (حتى لا يؤثر عرى وقت المجلس) لتوقيع طلبات النواب لدوائرهم.

خفض عدد أعضاء مجلس الشعب في بعثات الحج السنوية من 150 إلى 27 فقط، وألغى تخصيص تأشيرات لأعضاء مجلس الشعب. وكان كل نائب يحصل على 8 أو 10 تأشيرات وبعضهم كان يتاجر فيها، وطالب الجنزوري وزير الداخلية حسن الألفي ووزير العدل فاروق سيف النصر بعدم اعتماد توصيات النواب للملتحقين بالشرطة والنيابة..
وألغى طلبات النواب للعلاج على نفقة الدولة، وأوقف منح النواب استمارات معهد التعاون التي كانت مصدر دخل لبعض النواب. وهى إجراءات كانت لصالح القانون لكنها خلقت عداوات لرئيس الوزراء من النواب ومن الوزراء ومن الحزب، لأنها أضرت بمصالح شبكات الحزب الوطني، التي يقف على قمتها كمال الشاذلى، وصفوت الشريف، ويوسف والى ليضمنوا ولاء النواب..

رأى الكبار الشاذلى والشريف ووالى حتى فتحى سرور أن الجنزوري يعمل ضد مصالح الحزب ومصالحهم، ويهدد بثورة من النواب، وكان كل هذا يصل لمبارك من قبل القيادات التي تقنعه أن الجنزورى يضر بمصالح الحزب والرئيس شخصيا.. ويقوض شعبية الرئيس في الشارع..
صدام الجنزوري مع جمال مبارك
![الصراع على رئاسة مصر [الجنزوري صراع الفرعون والكاهن الأكبر] (5-6) | الجزيرة مباشر](https://encrypted-tbn0.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcR20prxjyJRTAWMzWm7rsHCBWu1aI5herijhw&s)
يقول الجنزوري في مذكراته: “كنت أرأس اجتماعَا يحضره أعضاء مجلس مبارك/ آل جور، وفوجئت بمدير المراسم يعرض علىّ قائمة ترتيب الجلوس، ولم يكن أمرًا مسبوقًا، (الجلوس في البروتوكول له قواعد لا يجب خرقها)، ولكن لاحظت أن جمال مبارك نجل الرئيس مرتب له أن يجلس إلى يمينى (من يجلس إلى يمين رئيس الوزراء معناه انه الرجل المهم بعده، وهو ما يتنافى مع قواعد البروتوكول، إلا أنه ابن الرئيس ويمكن التغاضى عن هذا، لم أرتح لذلك فطلبت ترتيب الجلوس، بأن يكون رئيس الجانب العربى وهو الدكتور إبراهيم كامل عن يمينى ورئيس الجانب الأمريكى عن يسارى، على أن يجلس الباقون كل حسب ترتيب الأسماء الأبجدية، وجاء جلوس جمال مبارك قريبًا من آخر القاعة.

ولا بد أن ذلك لم يرضه، ولا بد أنه ترك فى نفسه أثرًا. وهنا يلزم الإشارة أن جمال مبارك، لم يحضر أى اجتماع خلال فترة وزارتى من 4 يناير 1996 إلى 5 أكتوبر 1999، سوى هذا اللقاء ولقاء آخر (والكلام ما زال للجنزوري)
وقصة اللقاء الاخر، إنه عندما رتبت مراسم رئاسة الجمهورية، وكان الاجتماع برئاسة الرئيس لمناقشة الأزمة الاقتصادية، فيما سمى بالكارثة التى لحقت بدول جنوب شرق آسيا، ولاستبيان أثرها على الاقتصاد المصرى، وبعد نحو ساعتين مال الرئيس ناحية رأسى قائلًا: “ياكمال.. جمال ابني يحب أن يسمع هذه المناقشات، فهل يحضر؟! فقلت طبعًا، وحضر جمال بقية الاجتماع وكانت مشاركته مجرد استماع ولم يشارك النقاش.

أما الطامة الكبرى، فكانت في مشروع ميدور، وكيف يتم سرقتك في وضح النهار، وأمام الجميع، وكان على رئيس الوزراء أن يغمض عينه.. لكنه رفض أن يغمضها.. أو اغمضها قليلا.. لكن هذا في المقال القادم..
في الحلقة القادمة:
– ازمة حسين سالم والجنزوري.
– عمر سليمان: دا استثمار والناس بتكسب.
– احنا اللي هنضمن اسرائيل!!
– المتلاعبون والاتفاق مع صندوق النقد! كيف فعلوها