
في ألمانيا، وتحديدًا في برلين العاصمة، حدثت واحدة من أغرب القضايا التي أطلق عليها الإعلام مصطلح “الجريمة الكاملة”، القصة بدأت في يناير 2009، عندما سُرقت مجوهرات قيمتها تزيد عن 5 مليون يورو (6.8 مليون دولار)، من مول “KaDeWe“، الشهير.
توصلت الشرطة بعد أيام من البحث، لخيط مهم: قفاز في مكان الجريمة عليه نقطة عرق، والتحليل أثبت إن الـDNA خاص بتوأم لبناني متماثل، حسن وعباس، عمرهم 27 سنة، لكن المشكلة أن التوأم المتماثل بي يتشابه الدي ان إيه الخاص بهم بنسبة كبيرة، تصل لـ 99.9%، أي أنه من المستحيل معرفة السارق بينهما دون أن يعترف عليه الأخر.
صرّحت النيابة الألمانية بأن الأدلة المتوفرة لديها تؤكد اشتراك أحد الشقيقين في عملية السرقة، غير أنّها لم تتمكن من حمل أيٍّ منهما على الاعتراف أو الإشارة إلى الآخر، رغم المحاولات العديدة والمغريات التي عُرضت على أحدهما للإفصاح. لكنّ التوأم تمسّك بالصمت المطلق ورفض الاعتراف تماماً، الأمر الذي اضطر السلطات إلى الإفراج عنهما معاً، لأنها فشلت أن تدين شخص بشكل كامل، ويستقر في يقينها أنه هو الفاعل، فالقانون لديه أن يطلق سراح ألف مجرم، خير من أن يدان شخص واحد برئ.
وقد ذهب بعض المحققين إلى احتمال أن يكون شخص آخر قد زرع الحمض النووي للتوأم في مسرح الجريمة بهدف إلصاق التهمة بهما، مما زاد القضية غموضاً وتعقيداً. وخلال التحقيقات، لزم حسن وعباس الصمت، وهو ما برّره محاميهما بأنهما يمارسان حقهما القانوني في عدم الإدلاء بأقوال، دون أن يكون ذلك دليلاً على إخفاء الحقيقة. وعقب الإفراج عنهما، أبدى الشقيقان شكرهما للمحققين وأشادا بدولة القانون في ألمانيا، في موقف رآه البعض أقرب إلى السخرية أو التحدي.
ما بعد الحكم
أثارت هذه الحادثة ضجة كبيرة في ألمانيا، خاصة أن متجر “KaDeWe” ليس مجرد مركز تجاري، بل يعد رمزاً تاريخياً ارتبط في الذاكرة بسقوط جدار برلين. وأكدت التحقيقات أن السرقة كانت عملاً احترافياً نفذه ثلاثة أشخاص على دراية تامة بالمكان، وتمكنوا من الاستيلاء على أفخم المجوهرات المصنوعة من الذهب والماس.
وأشار الخبير في جرائم السطو، مارتن وينكل، إلى احتمال وقوف عصابة منظمة وراء العملية، وأنها تعمدت اختيار توأم متماثل بهدف تضليل الشرطة وإرباك التحقيقات، وهو اختيار وصفه بـ”المكيافيللي” بامتياز، ووصف امر بالمكيافيللي، نسبة لمبدأ ميكافيللي الشهير “الغاية تبرر الوسيلة”.
ولا تزال المسروقات مفقودة حتى وقتنا هذا، لذا يُطلق على هذه القضية أكثر القضايا إثارة وحيرة في ألمانيا، بل راحت الصحافة الألمانية، بالقول أن الجريمة يتحقق فيها كل شروط الجريمة الكاملة.
الصدمة الكبرى
ما رأيك فيما قرأت، للأسف ما قرأته غير صحيحا، وقدر نشره موقع اليوم السابع بتاريخ 2009، وعدد كبير من المواقع، والبوست الخاص الذي يحكي قصتهما، انتشر كالنار في الهشيم.. فلو كتبت على أي موقع للتواصل الاجتماعي “تؤام لبناني”، ستجد مئات من المنشورات المفبركة عن القصة.
أما الشابين فكانا متهمن بقضية اخرى، وليست هذه أسمائهم..
وإليكم تفاصيل الواقعة
في سنة 2013، واجهت محكمة بريطانية موقفا محيرا في محاكمة شقيقين تؤام بجريمة اغتصاب، احدهما هو الذي ارتكبها ولم يكن للآخر أي دور فيها، الحيرة تاتي لأن الشقيقين محمد وأفتاب أصغر هما توأمان متطابقان ولم يتمكن رجال الأدلة الجنائية من التمييز بين تركيبة الحمض النووي (DNA) الخاص بكل منهما لدى مضاهاته مع تركيبة الحمض النووي الذي كان على جسم ضحية عملية الاغتصاب.
فاتخذت المحكمة قرارا بمثول الشقيقين معا للمحاكمة بعد عدم استطاعة الضحية من تحديد أيهما هو الذي اغتصبها، حيث تعذر عليها التعرف عليه من بينهما، وذلك نظرا الى التطابق التام بين ملامح وجهيهما علاوة على عدم وجود اي علامة جسدية فارقة.
وقام خبراء الطب الجنائي بمضاهاة تركيبة الحمض النووي، واتضح لهم ان الشقيقين متطابقان تماما في تلك التركيبة الى درجة يتعذر معها تحديد ايهما تعود اليه عينة الـ DNA التي كانوا قد عثروا عليها على جسد ضحية الاغتصاب (وهي عينة من السائل المنوي على ما يبدو).
وتكمن المعضلة في انه يتعين تحديد أي من الشقيقين ينبغي توجه التهمة اليه كشرط لبدء محاكمته، لكن ذلك التطابق في تركيبة الحمض النووي تحول دون ذلك الى جانب ان أيا منهما لم يعترف على نفسه بارتكاب الجريمة، وذكرت صحيفة «ديلي ميل» إنه من الوارد ان تقرر المحكمة اعتبار الشقيقين شريكين في الجريمة ومحاكمتهما معا اذا استمرت معضلة عدم امكانية التوصل الى دليل مادي فارق يشير الى واحد منهما تحديدا دون الآخر، الى جانب رفض أي منهما ان يعترف بأنه هو الجاني.
وتتشابه تركيبة الحمض النووي لدى التوائم المتطابقة حتى أنها تكون متماثلة الى درجة كبيرة جدا اذ انهما ينشآن من بويضة واحدة تنقسم الى جنينين بعد ان يتم إخصابهما، وفي حالة الشقيقين المتهمين وصل التماثل في تلك التركيبة الى درجة التطابق التام، الأمر الذي يجعل الوصول للجاني أمر مستحيل ما لم يعترف عليه تؤامه.
نهاية القصة وحل اللغز
وقعت الجريمة في مدينة بيركشاير في نوفمبر 2011 وتم القبض عليهما في أغسطس 2013 لتحديد المجرم، ولكن أفرج عنهما إفراجا مشروطا لحين الانتهاء من تحليل الحمض النووي لهم، ثم تم إثبات التهمة على محمد أصغر عن طريق إثبات عدم إمكانية وجود أخيه في مكان الحادث عن طريق الهاتف.
هذه القصة ربما تصلح سردية لكي لا تصدق كل ما تقرأه على مواقع التواصل الاجتماعي، لأن أكثرية ما ينشر خالي من الصحة.
أقرأ أيضا