هل سبق أن استمعت إلى تسجيل لصوتك وقلت في دهشة أو خجل: “هل هذا صوتي حقًا؟!”، إذا كانت الإجابة نعم، فأنت لست وحدك. فالدراسات تشير إلى أن كثيرين يشعرون بعدم الارتياح أو حتى النفور عند سماع أصواتهم المُسجّلة.
لكن لماذا يحدث ذلك؟ وما السرّ وراء هذا “الصوت الغريب” الذي لا نشعر بأنه يعبّر عنا؟
كيف نسمع أنفسنا؟
لفهم هذه الظاهرة، علينا أن نميز بين طريقتين يسمع الإنسان بهما الصوت:
السماع الهوائي (Air Conduction):
وهو ما يحدث عندما يصدر صوت – كالكلام – فينتقل عبر الهواء إلى طبلة الأذن، ثم إلى الأذن الوسطى والداخلية، حيث يُحوّل إلى إشارات عصبية تصل إلى الدماغ.
السماع العظمي (Bone Conduction):
عندما نتكلم، لا نسمع صوتنا من الهواء فقط، بل تنتقل الاهتزازات الناتجة عن صوتنا عبر عظام الجمجمة، وخاصة عظم الفك السفلي، إلى الأذن الداخلية مباشرة.
وهذه الاهتزازات تضيف رنينًا ودفئًا وعمقًا إلى الصوت، وهو ما يجعل صوتنا في آذاننا مختلفًا عن الصوت الذي يسمعه الآخرون.
وفقًا لمقال نشرته جامعة هارفارد، فإن الإنسان يسمع صوته ممزوجًا بين “الهوائي” و”العظمي”، بينما التسجيل ينقل فقط الصوت الهوائي – أي كما يسمعه الآخرون – ومن هنا يأتي الاختلاف الصادم.
الصدمة السمعية وصورة الذات
حين يسمع الإنسان صوته مسجّلًا، يواجه “نسخة خارجية” لم يألفها من قبل.
هذا الصوت:
يبدو أعلى طبقة (أنحف) مما اعتدناه.
يخلو من “العمق الرخيم” الذي نسمعه داخليًّا.
أحيانًا نلاحظ فيه لزمات لغوية أو نبرة لم نكن نعي وجودها.
كل هذا يُحدث نوعًا من “الصدمة الإدراكية”، لأنه يتعارض مع الصورة السمعية الذاتية التي نحتفظ بها عن أنفسنا.
وقد وجدت دراسة نشرت في مجلة Journal of Voice أن المشاركين قيّموا أصواتهم المسجلة أقل جاذبية مقارنةً بأصوات الآخري.
هل يمكن التغلب على هذا الشعور؟
نعم. مع التكرار والاستماع المتكرر إلى صوتك المسجل، يبدأ دماغك في إعادة تكييف صورتك الصوتية، وتصبح أكثر تقبلًا لها.
في الواقع، العامل الأكبر في النفور هو المفاجأة وعدم التوقّع، وليس “قبح الصوت” كما يظن البعض.
اقرأ أيضًا:
