المقالاتسلايد

لماذا رفض من استنسخوا النعجة دولي الإعلان عن اكتشافهم؟

في يوم 12 فبراير 1997 كان العالم على موعد مع خبر غريب، ليس عن حرب أو كارثة طبيعية أو فضيحة سياسية، ولكن كان حول نعجة!.

ففي معهد بحثي صغير في اسكتلندا، نجح العلماء في تحقيق شيء كان يُعتقد في السابق أنه مستحيل، فقد استنسخوا حيواناً بالغاً بنقل الحمض النووي الخاص به إلى خلية بويضة، وكانت النتيجة نعجة رقيقة بيضاء، أطلقوا عليها اسم “دوللي”.

كانت ولادة دوللي إنجازاً علمياً كبيراً، ولكن سرعان ما ارتبط هذا الاكتشاف بشبح استنساخ البشر، وتساءل غلاف مجلة تايم:”هل سيكون هناك نسخة أخرى منك؟”

والحقيقة أنه لم تكن دوللي أول حيوان مستنسخ، لكن ولادتها أشعلت مناقشات علمية وأخلاقية لا تزال تتردد حتى اليوم.

لماذا استنسخوا نعجة؟

في تسعينيات القرن العشرين، لم يكن هدف أبحاث الاستنساخ هو صنع نسخ من حيوانات المزارع، وبالتأكيد لم يكن الهدف استنساخ البشر، ولكن إعادة وتطوير علاجات للأمراض.

ويقول بروس وايتلو، مدير معهد روزلين بجامعة إدنبرة، حيث تم استنساخ دوللي: “كان الغرض من استنساخ الحيوانات هو فهم أكثر للهندسة الوراثية”. وقد أراد إيان ويلموت العالم الرئيس في التجربة أن يقوم بتعديل جينات الأغنام حتى تنتج حليب يحتوي على بروتينات أكثر لعلاج أمراض مثل السكري والتليف الكيسي.

هل كانت دوللي أول حيوان مستنسخ؟

لم تكن دوللي أول نعجة يستنسخها العلماء، ففي عام 1995، نجحوا في استنساخ حملين سليمين، ميجان وموراج، وفي عام 1996، استنسخوا تافي وتويد.

وفي الحالات السابقة كان الاستنساخ يتم من خلايا جزعية، ولكن كان التحدي مع دوللي هو استساخ من خلايا بالغة، وكان الاجماع العلمي في ذلك الوقت يقول أن هذا مستحيل.

فلإستنساخ دوللي، أخذ علماء روزلين خلية من الغدة الثديية (الضرع) لشاة فنلندية بالغة، واستخرجوا نواتها وزرعوها في بيضة غير مخصبة خالية من مادتها الوراثية.

دوللي مانيا

كان العلماء بعد استنساخ يعلمون أنهم حققوا إنجازًا تاريخيًا، لكنهم لم يتمكنوا من إخبار أي شخص، لأن تمويل الأبحاث في تلك الأيام كان يعتمد على النشر في المجلات العلمية المرموقة مثل مجلة “نيتشر”، وكانت تلك المجلات تتطلب الصمت المطلق قبل تاريخ النشر.

عندما تم نشر الخبر في فبراير، يقول وايتلو، الذي كان أيضًا باحثًا في روزلين: “كان الأمر جنونيًا تمامًا. كنا نتلقى 100 مكالمة في الساعة من وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم، مستطردًا: “كان كل هاتف في المبنى يرن.”

GAP42K

دوللي تثير الجدل

على الفور تم الترويج لولادة دوللي باعتبارها الخطوة الأولى نحو استنساخ البشر، وهو الأمر الذي لم يتقبله ويلموت وزملاؤه قط ولم يعارضوه بنشاط. ومع ذلك، بالنسبة لوسائل الإعلام، كان الأمر بمثابة قفزة لا تقاوم من حيوانات المزرعة المستنسخة إلى البشر المستنسخين.

حتى السياسين قد روجوا لذلك، وقد أدلى ويلموت بشهادته أمام الكونجرس الأمريكي وأكد معارضته لأي شخص يستخدم تكنولوجيا دوللي لاستنساخ البشر، وفي يونيو 1997، أصدر الرئيس بيل كلينتون تعليمات للكونجرس بإقرار حظر استنساخ البشر، وفي 2991 فرض الرئيس جورج دبليو بوش قيودًا شديدة على أبحاث الخلايا الجذعية الجنينية.

كان العلماء متحمسين لشرح فوائد استنساخ الخيوانات في مجالات الطب والزراعة ولكنهم دائما كانوا ينجرفون إلى الرد  على أسئلة حول جيوش من جنود مستنسخين من هتلر، وما إلى ذلك من الأفكار الخيالية، وقد أحبط هذا العلماء كثيرًا.

عاشت دوللي ست سنوات فقط

كانت صحة دوللي مراقبة عن كثب وبعناية، جاء الحمض النووي لدوللي من نعجة تبلغ من العمر بين 10 إلى 12 عامًا، وفي السنوات الأولى من حياتها كانت تتمتع بصحة جيدة، وأنجبت أول حمل لها، بوني في عام 1998، وقد انجبت ما مجموعه 6 حملان خلال حياتها.

وفي عام 2000، كان هناك تفشي فيروس في معهد روزلين أصاب دوللي والعديد من الأغنام الأخرى بمرض يمكن أن يسبب سرطان الرئة في الأغنام.

في عام 2003، أصيبت دوللي بالسعال. وعندما فحص الأطباء البيطريون في معهد روزلين رئتيها، وجدوا أورامًا سرطانية، واتخذوا القرار الصعب بقتل دوللي بدلاً من تركها تعاني. وماتت في 14 فبراير 2003، وكانت دوللي تبلغ من العمر ست سنوات فقط.

تبرع معهد روزلين بجسد دوللي المحنط إلى المتحف الوطني في اسكتلندا، حيث لا تزال واحدة من أكثر المعروضات شعبية.

الإرث العلمي لدوللي

لا تزال تقنيات الاستنساخ التي ابتكرها معهد روزلين تستخدم من قبل بعض المربين الزراعيين، مقابل حوالي 20 ألف دولار، يمكن استنساخ ثور أو خنزير ثمين للحفاظ على سماته الوراثية، ولكن في أغلب البلدان ـ بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة ـ يُعَد بيع الحيوانات المستنسخة لأغراض الغذاء أمراً غير قانوني.

وبعد استنساخ دوللي قرر ويلموت وزملاءه من الباحثين في معه روزلين التخلي عن الاستنساخ.

ويقول وايتلو: “نحن لا نستنسخ أي شيء الآن. فكيف يمكن أن نحصل على دوللي أخرى؟ لقد كان ذلك حدثاً عظيماً. ومهما فعلنا، فلن نفعل ذلك مرة أخرى”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!