تقاريرسلايد

بعد وفاته.. هوجان: الرجل الذي حوّل المصارعة الحرة لترفيه عائلي

حياة صاخبة داخل الحلبة وخارجها

 

في لحظة حزينة لعشاق المصارعة الحرة حول العالم، ودعت الساحة الرياضية أحد أبرز أساطيرها، هالك هوجن (Hulk Hogan)، الذي شكّل رمزًا للقوة والكاريزما في حلبات المصارعة لعدة عقود. وقد أعلنت وفاته اليوم عن عمر ناهز  71 عامًا،  بعد مسيرة حافلة بالإنجازات والأضواء.

كان هوجان من أشهر المصارعين في اتحاد المصارعة، حيث كانت له شعبية كبيرة من قبل الجمهور الذين أطلقوا على أنفسهم لقب “Hulkamaniacs” أو «مجانين هولك». يبلغ طول هولك هوغان 193 سم، ويعرف بشعره الأشقر الطويل، وكثيراً ما يرتدي البندانا، وكذلك عرف عنها ارتداءه اللونين الأحمر والأصفر.

هكذا انطبعت الصورة الذهنية لبطل المصارعة في أذهان العالم، بعد أن حول المصارعة الحرة من شيء يدور داخل الحلبة في مكان بعيد، إلى حالة ترفيهية تدخل كل بيت.

من الحلبة لشاشة التلفزيون

منذ بداياته في اتحاد WWF (الذي أصبح لاحقًا WWE)، أدرك هوجان أن المصارعة ليست مجرد قتال، بل عرض متكامل يجمع بين القوة الجسدية، والحضور المسرحي، والدراما الجماهيرية. لم يكن هوجان مصارعًا فقط، بل رمزًا ثقافيًا، خاطب الأطفال بشعارات مثل: “صل، وكل الفيتامينات، وكن صادقًا”. وهكذا، دخلت المصارعة إلى غرف المعيشة، وصارت مشاهدة عائلية في عصر كانت فيه الرياضة العنيفة حكرًا على البالغين.

هوجان هو من جلب المصارعة إلى عصر النجومية، حين ملأت صوره الإعلانات، ولعب أدوارًا سينمائية، وتحول إلى ماركة مسجلة في ألعاب الفيديو والدمى والقمصان. ومع عروض مثل WrestleMania، صار هو البطل الذي ينتظره الملايين، وصارت المصارعة حدثًا جماهيريًا يفوق الرياضة في أحيان كثيرة.

رغم السقطات التي واجهها لاحقًا في مسيرته، من خلافات مع الاتحاد إلى قضايا شخصية، فإن إرثه كـ”الوجه الذي بنى المصارعة الحديثة” لا يمكن محوه. هو الذي مزج بين الخيال والواقع، بين الصراع الجسدي والرسائل الأخلاقية، فحول اللعبة إلى ما يشبه الملحمة المسرحية التي يتابعها الصغير قبل الكبير.

تاريخ مثير للجدل

على الرغم من أن حياه هوجان كانت صاخبة بشدة داخل الحلبة إلا أن هذا الصخب انتقل إلى حياته الخاصة، وتورط في أكثر من قضية اشتهرت إعلاميًا طوال حياته.

من الاستعراض إلى المحكمة

من أبرز القضايا التي طاردت هوجان كانت قضية المذيع ريتشارد بيلزر عام 1985، حين فقد الأخير وعيه في برنامج تلفزيوني بسبب حركة مصارعة استعرضها هوجان، مما أدى إلى إصابته ورفعه دعوى طالب فيها بـ5 ملايين دولار. انتهت القضية بتسوية خارج المحكمة، قُدّر مبلغها لاحقًا بـ400 ألف دولار، رغم المزاعم السابقة بأنها وصلت إلى 5 ملايين.

الشهادة التي أنقذت مكمان

في عام 1994، عاد هوجان إلى الأضواء – ليس في الحلبة، بل على منصة الشهود في محاكمة تتعلق بالمنشطات ضد رئيس WWF فينس مكمان. وبعد حصوله على حصانة، اعترف باستخدام الستيرويدات لكنه نفى أن مكمان زوده بها. شهادته كانت حاسمة وأسهمت في تبرئة مكمان من التهم الموجهة إليه.

فضيحة Gawker والتاريخ القانوني

لكن الحدث القانوني الأبرز في مسيرة هوجان جاء في عام 2012، حين انتشر شريط جنسي مسرب له، مع هيذر كليم (زوجة المذيع بوبا ذا لاف سبونج السابقة). وفي 4 أكتوبر 2012 ما دفعه لرفع دعوى ضد موقع Gawker يطالب فيها بـ100 مليون دولار. وبفضل دعم الملياردير بيتر ثيل، حصل هوجان في 2016 على حكم قضائي بتعويض ضخم بلغ 115 مليون دولار، أفلست بسببه Gawker لاحقًا. تحوّل هذا النزاع إلى معركة شهيرة حول الخصوصية وحرية الصحافة، رسخت مكانة هوجان كشخصية جدلية تتجاوز المصارعة.

الحياة الشخصية والتقلبات

في حياته العائلية، مر هوجان بتجارب متقلبة، من زواجه الطويل من ليندا وإنجابه طفلين، إلى خيانته، وطلاقه، ومحاولات الانتحار التي ذكر أنه نجا منها بفضل دعم صديقته المصارعة لايلا علي. كما تزوج لاحقًا مرتين، وكان آخرها من مدربة اليوغا سكاي ديلي في 2023.

الإيمان والنهاية

رغم كل الصخب، أشار هوجان في سنواته الأخيرة إلى تمسكه بالإيمان المسيحي، وأعلن تعميده في كنيسة معمدانية في 2023، في تحول روحي حاول من خلاله تجاوز ماضيه المضطرب.

توفي هوجان عن 71 عامًا، بعد أسابيع من جراحة في العمود الفقري، تاركًا وراءه إرثًا معقدًا: نجمًا جماهيريًا صنع جيلاً كاملاً من عشاق المصارعة، ورمزًا لعصر من الترفيه، لكن أيضًا مثالًا على صراع الشهرة، والسقوط، ومحاولة الغفران.

اليوم، وبعد وفاته، يتذكّر العالم هوجان ليس فقط كبطل أحكم قبضته على خصومه في الحلبة، بل كرجل غيّر معنى المصارعة الحرة، وجعل منها تجربة ترفيهية جامعة تُشاهد في البيوت، وتُخلّد في الذاكرة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!