تقاريرسلايد

محمد الفاتح ودراكولا.. قصة مصاص الدماء الذي قضى عليه صديقه المسلم!

 

في منتصف القرن الخامس عشر، تقاطعت طرق اثنين من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في التاريخ: السلطان العثماني محمد الفاتح، وخصمه الدموي فلاد الثالث دراكول، المعروف باسم “فلاد المخوزِق”، والذي ألهم لاحقًا شخصية “دراكولا” في الأدب الغربي. لكن ما جمع الرجلين لم يكن مجرد العداء، بل علاقة مركبة من السياسة، التربية، والخيانة، والصداقة!

جماعة التنين “دراكول”

بعد فتح القسطنطينية عام 1453، أصبح محمد الفاتح  أحد أقوى حكام عصره، وسعى إلى تثبيت النفوذ العثماني في البلقان. في تلك الفترة، كانت إمارة الأفلاق “جنوب رومانيا الحالية” منطقة حدودية متقلبة تخضع لتأثير متبادل بين الدولة العثمانية والمجر.

الصورة الوحيدة التي رسمت لفلاد دراكول في حياته

أما فلاد الثالث، فقد وُلد سنة 1431، وهو ابن الحاكم فلاد دراكول، الذي كان عضوًا في “تنظيم التنين”، وهي جماعة فرسان كاثوليكية هدفها مقاومة المد الإسلامي  كجزء من اتفاق سياسي عرفت باسم “دراكول”. ، أرسل فلاد الأب ولدَيه رهينتين إلى البلاط العثماني، وكان أحدهما فلاد الثالث نفسه. وهناك، تعلّم التركية والعربية، وتلقى تعليمًا إسلاميًا، وعاش في كنف محمد الفاتح حين كان كلاهما فتيانًا. وأصبحا بعد ذلك أصدقاء مقربين.

 

من الرهينة إلى العدو

رغم سنواته في البلاط العثماني، حمل فلاد في نفسه كراهية شديدة للعثمانيين. وبعد وفاة والده، عاد إلى بلاده بمساعدة العثمانيين ليصبح أميرًا للأفلاق “رومانيا حاليً”، لكنه سرعان ما انقلب عليهم. فبدأ يقتل كل من له علاقة بالدولة العثمانية أو يؤيدها، وأشهر جرائمه كانت حادثة خوزقة عشرات الآلاف من الجنود والمدنيين المسلمين والمسيحيين الأرثوذكس الذين اتهمهم بالخيانة.

المواجهة الكبرى

بلغ العداء ذروته في عام 1462، عندما قرر محمد الفاتح تأديب فلاد بسبب تمرده وسفكه للدماء. قاد السلطان بنفسه حملة كبرى على الأفلاق، فشن فلاد حرب عصابات شرسة، واستخدم أسلوب “الأرض المحروقة”. لكنه رغم مكره وقسوته، لم يستطع الصمود أمام الجيش العثماني المنظّم.

 

عندما دخل محمد الفاتح العاصمة “تيرغوفيشت”، وجد مشهدًا مرعبًا: آلاف الجثث مخوزقة على مرأى الطريق، في مشهد عُرف بـ”غابة المخوزقين”. قيل إن السلطان تأثر بالمشهد لدرجة أنه قال: “لا يمكن أن يحكم هذا الرجل الشيطان نفسه، لأنه فاقه في الرعب.” لكنه لم يتراجع، وعيّن حاكمًا جديدًا للأفلاق بدلًا من فلاد، الذي هرب إلى المجر.

رأس دراكولا

قام محمد الفاتح بتعيين شقيق فلاد المسمى “رادو الوسيم”، بدلا عن أخيه في الحكم، ولكنه مات بعد عامين، ليعود فلاد مرة أخرى مطالبًا بحكمه، ولكنه قتل في أحد المعارك، ومن ثم أرسلت رأسه إلى محمد الفاتح، الذي شاهد رأس صديقه القديمة، ثم أمر بتعليقها على خازوق في مدينة “درنة”.

خلاصة العلاقة

تجسد علاقة محمد الفاتح بفلاد دراكول صراعًا بين الحضارة والعنف، بين حاكم يسعى لتوسيع إمبراطورية بقوة النظام والعدالة (رغم حروبه)، وآخر بنى سمعته على الرعب والخيانة وسفك الدماء. ولم تكن العلاقة بينهما مجرد صراع ديني أو سياسي، بل امتزجت فيها مشاعر شخصية وأحداث مأساوية تركت أثرًا عميقًا في التاريخ الأوروبي والعثماني.

بعد ذلك اشتهرت شخصية فلاد دراكول في التراث الشعبي الروماني، وتحول من أمير دموي ثائر على الحكم العثماني، إلى مصاص دماء، بل أشهر مصاصي الدماء!

 

“غير لائق اجتماعيا”… قصة عبد الحميد شتا الذي مات كمدا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!